makkah story

اطلب مرشد سياحي متخصص

    اصنع قصتك

    احصل على ملف يضم ذكرياتك على بريدك الالكتروني 🌎

      في غار النور

        

      من حكمة التدبير الإلهي أن هيَّأ مصطفاه – قبل بعثته – ليتلقى النبأ العظيم من مَلَـكٍ ذي قوةٍ مكين.

      فقبيل البعثة حبَّب الله إليه الخلوة والانقطاع عن ضوضاء الدنيا وأباطيل القوم. 

      واتَّبع قلباً طهرته الملائكة، فقاده إلى غار معزول بقمة جبل شاهق!….

      كان لا يبرحُ حتى يبلغ قمته -حاملاً من الزاد والماء ما يكفيه الليالي ذواتِ العدد- ثم ينزل قليلاً ليدخل ممراً ضيقاً بين الصخور!

      ينفتح الممرعلى فسحة سماوية، فيها مصطبة مظللة، وصخورمسطحة تساقطت على بعضها باتجاه القبلة، تاركة فجوة تتسع لإنسان يسمونه ” غار حراء”.

      مكانٌ أُعد للخلوة! فيه فَسحةٌ للتفكر، ومصطبةٌ للمبيت، ومحراب ٌ للتحنّـث(1) !!

      كان يقلـِّـب بصره في دلائل الوحدانية، ويناجي رباً عرفه وأحبّه بفطرته، ما كان يدري ما الإيمان، ولا يرجو أن يُلقى إليه كتاب.

      في ذلك الغار، وفي أعظم ليلة شهدتها الدنيا، فجَأه ُ جبريل عليه السلام، فضمّه حتى بلغ منه الجهد، ثم أرسله وقال: اقرأ! 

      فأجاب لاهثاً: ما أنا بقارئ ! ضمَّه مرتين، وفي الثالثة تلا عليه: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ…) أولى كلمات الذكر الحكيم.

       انحدر مرتاعاً على الصخور الوعرة، لم يطف بالبيت كعادته، بل فزِع إلى داره ترتعد فرائصُه : 

      زمِّلوني، زمِّلوني! لقد خشيت على نفسي! 

      قالت زوجه بيقين: ” كلا فوالله لا يخزيك الله أبداً! “… فكيف يُخزى من تسامتْ محامدُه حتى بلغت الكمال؟ 

      وانطلقت به إلى ورقة بن نوفل فبشره: ” قد جاءك النَّاموسُ الأكبرُ(2) الذي جاء موسى، وسيخرجُك قومك!” 

       هاقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود إذ بزغ فجر الإسلام من غار النور. 

      لم يعد النبي بعدها إلى هناك، فهل يحنُّ الغار إليه كما حنَّ الجذع وسلَّم الحجر واهتزَّ أحد؟!